الاثنين، 16 مارس 2009

المقدمة

هناك فرق شاسع بين ما تتحدث عنه كتب الموارد البشرية وبين ما نجده على أرض الواقع. هذا الاختلاف الشاسع يقف أمامه الشاب المتخرج حديثًا جنبًا إلى جنب مع المنخرطين في حقل العمل منذ سنوات مثل الذئاب التي طلع عليها النهار بغتة بينما كانت تعوي في ظلام الليل! يؤسفني أن أبلغكم جميعًا أن إمكانية الحصول على عمل ومن ثم الصعود والترقي فيه مرتبطة بعوامل أخرى ليس من بينها الكفاءة والاجتهاد والإبداع!

قد يبدو كلامي مُحْبِطًا إلى حد كبير، ولكنها الحقيقة للأسف. إذا عدت للفترة التي سبقت حصولك على أول وظيفة، فستجد أنك كنت تبحث عن واسطة تستطيع أن تتعلق من خلالها بأي عمل حتى ولو كان بائعًا في محل ملابس، وعندما تحصل على عشر الفرصة تتفانى وتبذل قصارى جهدك وتكاد تذوب عشقًا في العمل. هنا تكون النتيجة أن يستمرئ أصحاب العمل هذا المجهود المضاعف ويصبح هذا الأداء الاستثنائي بالنسبة لك الشيء الطبيعي الذي يتوقعونه منك، أو تصبح أسير العمل الشاق دون أن تنال مقابله أجرًا إضافيًا أو مكافأة سنوية أو حتى زيادة مناسبة، وإذا تحدثت عن هذا المجهود فسيعتبرون أنك تثير المشاكل، وإذا عدت إلى أداء عملك بشكل عادي ولم تبذل المجهود المضاعف المعتاد فقد أصبحت تلعب و تتدلل كثيرًا.

لا يفوتني هنا أن أذكر بأهمية دور المدير في حياة كل منا، فمن الذي لم يواجه ذلك المدير البخيل الجشع، أو ذاك المدير الجاهل المغرور أو تلك المديرة الغندورة الديكتاتورة. للأسف هذه بعض أنماط المديرين الأكثر شيوعًا والمشكلة أن معظم المديرين لا يحصلون دائمًا على التأهيل الكافي لتولي مثل هذه المناصب، لقد وجد كل منهم نفسه مديرًا في يوم وليلة بعد أن اجتهد في النفاق واتقن أشياءًا أخرى أهلته للترقية لكنها لم تؤهله أبدًا لأن يكون مديرًا. بالتالي فإن منصب المدير وتوجهاته مرتبط بشخصية هذا المدير وأهوائه ومزاجه وتقلباته. فإذا كان هذا المدير متزنًا من الناحية النفسية انعكس ذلك على أداء الموظفين العاملين معه، أما إذا كان متسلطًا ومتقلب المزاج ويثور لأتفه الأسباب فمن الوارد أن يتسبب في إصابة أحد موظفيه بأزمة قلبية كما قالت أحدث الدراسات أخيرًا.

إذا كان الله راضيًا عنك ومنحك مديرًا صالحًا فقد يعطيك مجلس إدارة غير صالح يتسبب في إغراق الشركة في مستنقعات الديون التي لا مهرب منها أو الخلافات العائلية بين أصحاب الشركة والتي يكون الموظف أول ضحاياها، حينها تضطر للهرب من الشركة إلى مكان آخر لا يوفر لك تلك الميزات التي كانت توفرها لك شركتك أو تغير مسارك المهني من أجل لقمة العيش أو تجد زملاء عمل يكرهون بعضهم البعض ويكيدون لبعضهم البعض، أو ربما يكون مكان العمل بعيدًا بحيث تضيع أكثر من ثلاث ساعات في الذهاب والعودة مما ينهك قواك ولا تستطيع القيام بواجباتك الزوجية مثلًا وبالتالي تتكدر حياتك كلها. الأسوأ من كل ما سبق أن تقوم بعمل لا تحبه ولا تطيقه بسبب احتياجك لمصدر دخل للإنفاق، بل وتتغرب عن موطنك وقد يصل الأمر إلى امتهان كرامتك من أجل حفنة دراهم لا تساوي حجم التضحية التي قمت بها، وتكابر كي لا تعود إلى بلدك مطأطئ الرأس حتى لا يعايرك الآخرين بخيبتك.

هل هناك من حلول أو خطط للمواجهة؟ ... نعم يوجد، وسوف أروي كافة التفاصيل قريبًا و"على بلاطة"!

هناك 3 تعليقات: